سقط حزب العدالة والتنمية مرتين، في 8 شتنبر من سنة 2021 وفي نفس التاريخ من سنة 2023، أي تاريخ الانتخابات وتاريخ فاجعة الحوز.
وإن كانت الهزيمة في اختبار سنة 2021 مقبولة ومنطقية في عالم السياسة، التي لا يؤتمن جانبها ولا تدوم فيها المناصب لأحد، فإن ما حدث في شتنبر 2023 كان شبيها بالانتحار السياسي، ووضع نقطة النهاية أمام مسيرة حزب عمّرت لسنوات، وكانت – في بعض مراحلها – ناجحة، باعتراف العدو قبل الصديق.
الهزيمة جاءت هذه المرة قاسية، وكانت الرصاصة التي أطلقها عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، على قدمه، رصاصة مميتة، أو على الأقل تسبب عاهة مستديمة.
فبلاغ الحزب بعد فاجعة الحوز كان مثيرا للغيظ والشفقة والأسف في آن واحد، حيث تمت المتاجرة بالدين من جديد، وبدماء الضحايا للأسف، وإقحام السياسة في حدث طبيعي يعلم حكمته الله وحده.
ولأول مرة يتم استعمال مصطلح الذنوب "التي لها علاقة بالانتخابات والسياسة"، أو ما يمكن اختصاره بـ"الذنوب السياسية"، والتي يمكن إضافتها كمصطلح جديد في عالم السياسة تبقى براءة اختراعه لبنكيران على الأرجح، شرطَ أن يتم تعريفها كالآتي "يعتبر ذنبا وإثما كل تصويت ضد العدالة والتنمية، أو كل فشل لهذا الحزب في الانتخابات".
يبدو الأمر أيضا طفوليا جدا: صوتوا علينا وإلا سنظل نتباكى ونقحم الدين في الموضوع، حتى ولو على حساب دماء الآلاف !
لقد سبق أن كتبنا في "آخر ساعة" موضوعا حول "نهاية بنكيران"، وغضب الرجل حينها ولم يسرّها في نفسه وخرجَ ينتقد هذه "الدعوى الباطلة"، مؤكدا أنه باقٍ ولن يذهب إلى أي مكان.
أما الآن، فقد آن الأوان ليكون العنوان البارز في الحقيقة هو "نهاية العدالة والتنمية"، والمشكلة أن هذه النهاية تأتي على يد أبنائها الذين أتوا بما لم يسبقهم به أحد من العالمين، وهو إقحام كارثة طبيعية في السياسة.
المثير للعجب في الموضوع أن الحزب يضم أساتذة وباحثين ومفكرين. فكيف يعقل أن يوافقوا على بلاغ مستفز وأخرق كهذا؟ كيف يوافقون على "ابتزاز" الدولة بكارثة طبيعية أبكت الجميع وأنستهم كل الصراعات الدنيوية الزائلة.. ما عدا هذا الحزب العجيب؟
لقد كان الأمر يتعلق بنهاية شخص.. أما الآن فنحن أمام نهاية حزب.. وما استقالة عبد القادر عمارة، الوزير السابق، إلا بداية !